فصل: الشاهد الحادي والسبعون بعد الثلاثمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.استيلاء جلال الدين على تفليس من الكرج بعد هزيمته اياهم.

كان هؤلاء الكرج اخوة الارمن وقد تقدم نسبة الارمن إلى إبراهيم عليه السلام وكان لهم استطالة بعد الدولة السلجوقية وكانوا من أهل دين النصرانية فكان صاحب أرمن الروم يخشاهم ويدين لهم بعض الشيء حتى أن ملك الكرج كان يخلع فيلبس خلعته وكان شروان صاحب الدرنبر يخشاهم وكذلك ملكوا مدينة أرجيش من بلاد أرمينية ومدينة فارس وغيرها وحاصروا مدينة خلاط قاعدتها فأسر بها مقدمتهم ايواي وفادوه بالرحيل عنهم بعد أن اشترطوا عليه متابعته لهم في قلعة خلاط فبنوها وكذلك هزموا ركن الدولة فليحا ارسلان صاحب بلاد الروم لما زحف لاخيه طغرل شاه بارزن الروم استنجدهم طغرل فأنجدوه وحزموا ركن الدين أعظم ما كان ملكا واستفحالا وكانوا يجوسون خلال أذربيجان ويعيشون في نواحيها وكان ثغر تفليس من أعظم الثغور طرزا على من يحاوره منذ عهد الفرس وملكه الكرج سنة خمس عشرة وخمسمائة أيام محمود بن ملك شاه ودولة السلجوقية يومئذ أفحل ما كانت واوسع ايالة وأعمالا فلم يطق ارتجاعه من أيديهم واستولى ايلدكز بعد ذلك وابنه البهلوان على بلاد الجبل والري وأذربيجان واران وارمينية وخلاط وجاورهم بكرسيه ومع ذلك لم يطلق ارتجاعه منهم فلما جاء السلطان جلال الدين إلى أذربيجان وملكها زحف إلى الكرج وهزمهم سنة اثنتين وعشرين وعاد إلى تبريز في مهمه كما قدمناه فرغ من مهمه ذلك وكان قد ترك العساكر ببلاد الكرج مع أخيه غياث الدين ووزيره شرف الدين فأغذ السير إليه غازيا من تبريز وقد جمع الكرج واحتشدوا وأمدهم القفجاق واللكز وساروا للقاء فلما التقى الفريقان انهزم الكرج وأخذتهم سيوف المسلمين من كل جانب ولم يبقوا على أحد حتى استلحموهم وفنوهم ثم قصد جلال الدين تفليس في ربيع الاول سنة ثلاث وعشرين ونزل قريبا منها وركب يوما لاستكشاف أموالها وترتيب مقاعد القتال عليها وأكمن الكمائن حولها واطلع عليهم في خف من العسكر فطمعوا فيه وخرجوا فاستطرد لهم حتى تورطوا والتفت عليهم الكمائن فهربوا إلى البلد والقوم في اتباعهم ونادى المسلمون من دخلها بشعار الاسلام وهتفوا باسم جلال الدين فالقى الكرج بأيديهم وملك المسلمون البلد وقتلوا كل من فيها الامن اعتصم بالإسلام واستباحوا البلد وامتلأت أيديهم بالغنائم والاسرى والسبايا وكان ذلك من أعظم الفتوحات هذه سياقة ابن الاثير في فتح تفليس وقال النسائي الكاتب أن السلطان جلال الدين سار نحو الكرج فلما وصل نهر ارس مرض واشتد الثلج ومر بتفليس فبرز أهلها للقتال فهزمهم العساكر وأعجلوهم عن دخولها فملكوها واستباحوها وقتلوا من كان فيها من الكرج والارمن واعتصم أهلها بالقلعة حتى صالحوا على أموال عظيمة فحملوها وتركوهم.

.انتقاض صاحب كرمان ومسير السلطان إليه.

ولما اشتغل السلطان جلال الدين بشأن الكرج وتفليس طمع براق الحاجب في الانتقاض بكرمان والاستيلاء على البلاد وقد كنا خبره وان غياث الدين استخلفه على كرمان عند مسيره إلى العراق وإن جلال الدين لما رجع من الهند ارتاب به وهم بالقبض عليه ثم تركه وأقره على كرمان فلما انتقض الآن وبلغ خبره إلى السلطان وهو معتزم على قصد خلاط فتركها وأغذ السير إليه واستصحب أخاه غياث الدين ووعده بكرمان وترك مخلفه بكيكلون وترك وزيره شرف الدين بتفليس وأمره باكتساح بلاد الكرج وقدم إلى صاحب كرمان بالخلع والمقاربة والوعد فارتاب بذلك ولم يطمئن وقصد بعض قلاعه فاعتصم بها ورجع الرسول إلى جلال الدين فلما علم أن المكيدة لم تتم عليه أقام بأصبهان وبعث إليه وأقره على ولايته وعاد وكان الوزير شرف الدين بتفليس كما قلناه وضاق الحل به من الكرج وأرجف عند الأمراء بكيكلون أن الكرج حاصروه بنفليس فسار ارخان منهم في العساكر إلى تفليس ثم وصل البشير من نقجوان برجوع السلطان من العراق فأعطاه الوزير أربعة آلاف دينار ثم افترقت العساكر في بلاد الكرج وبها ايواني مقدمهم مع بعض أعيانهم وبعث عسكرا آخر إلى مدينة فرس واشتد عليها الحصار ثم جمر العساكر عليها وعاد إلى تفليس.

.مسير جلال الدين إلى حصار خلاط.

كانت خلاط في ولاية الاشراف بن العادل بن أيوب وكان نائبه بها حسام الدين علي الموصلي وكان الوزير شرف الدين حين أقام بتفليس عند مسير جلال الدين إلى كرمان ضاقت على عساكره الميرة فبعث عسكرا منهم إلى أعمال أرزن الروم فاكتسحوا نواحيها ورجعوا فمروا بخلاط فخرج نائبها حسام الدين واعترضهم واستنقذ ما معهم من الغنائم وكتب الوزير شرف الدين بذلك إلى جلال الدين وهو بكرمان فلما عاد جلال الدين من كرمان وحاصر مدينة اني استقر حسام الدين نائب خلاط للامتناع منه فارتحل هو إلى بلاد انحاز ليأتيه على غرة ورحل جلال الدين من انحاز فسار إلى خلاط وحاصر مدينة ملاذ كرد في ذي القعدة من السنة وانتقل منها إلى مدينة خلاط وحاصرها وضيق مخنقها وقاتلها مرارا واشتد أهل البلد في مدافعته لما يعملون من سيرة الخوارزمية الالوائية وكانوا متغلبين على الكثير من بسائط ارمينية وأذربيجان فبلغه أنهم أفسدوا البلاد وقطعوا السابلة وأخذوا الضريبة من أهل خوي وخربوا سائر النواحي وكتب إليه بذلك نوابه وبنت السلطان طغرل زوجته فلما رحل عن خلاط قصدهم على غرة قبل أن يصعدوا إلى حصونهم بجبالهم الشاهقة فأحاطت بهم العساكر واستباحوهم واقتسموهم بين القتل والغنيمة وعاد إلى تبريز.